قصد صاحبنا زكرياء منزله بخفة غير معتادة ..
و بدأ في تجهيز نفسه لدخول الخلوة الروحانية .. و هي بوابة العالم الخفي للقاء مع مخلوقات محجوبة عنا نحن البشر .. لا يمكن لأي شخص الدخول منها الا باذن منهم و باذن من شيخ عارف و مقتدر .. يعتبرونه هم كسفير لهم في عالم الانس ..
بدأ زكرياء في الصلاة و قراءة القراءن الكريم و الدعاء لله بتيسير أمره .. و غسل جسده بماء الورد كما أمره الشيخ و عقد العزم عن الابتعاد عن كل شيء به روح او خرج من روح ..
بالخلوة الروحانية يلزمها تركيز كبير و عميق و هو الأن على البوابة و ينتظر فقط الأذن له بالدخول ..
لم ينم زكرياء ليلته .. بل لقد غادر النوم عينيه و استقر بعقله شيء واحد و هو اللقاء بالشيخ بعد صلاة الفجر ..
استعد زكرياء جيدا و مباشرة بعد الصلاة قصد بيت الشيخ .. و قد لبس لباس ابيض و دخل على الشيخ ووجده قائما يصلي و يقرأ أورادا خاصة به ..
استأذن زكرياء و دخل و سلم على شيخنا ..
نظر اليه الشيخ بعمق و قال / ايها الابن الصالح .. لازال أمامك متسع من الوقت لطلب عدم اللقاء و نسيان الامر و العودة الى حياتك العادية مع ابنك و زوجتك و عملك .. فما أنت مقدم عليه غير محمود العاقبة .. خصوصا و انك غير متخصص في هذا المجال ..
قاطعه زكرياء قائلا / و الله الذى لا اله الا هو لن و لن و لن اندم على ما انا مقدم عليه .. فقط ابدأ العمل يا شيخ و دعنى ارى عوالم الله الخفية و ادخلني في الأفلاك المسحورة لكي يطمئن قلبي و خاطري .. فلقاء الجن أحب الى قلبي من لقاء الأنس .. و اظن أنه مهما فعل بي الجن لن يصل الى ما يفعله بي الأنس .. أظننى سأجد أصدقاء اوفياء من عالمهم .. ثم ضحك ..
ضحك الشيخ و نظر الى الأرض برهة من الوقت ثم رفع رأسه قائلا / اذن ابتداء من اليوم انت مريد لي و انا شيخك و كل أمر أوجهه لك تنفذه فورا بدون ان تسال و ابتداء من اليوم لا تقل لي هذا حرام أو هذا حلال .. فهذه القاعدة غير معروفة في عالم الجن ..
و الأن ضع خاتم زخبيله في اصبعك بيدك اليسرى و ضع الرقعة الجلدية حول معصمك و الدنانير النحاسية اتركها هنا فوق هذه الطاولة ..
ثم نادي الشيخ بأعلى صوته / حمزة ؟
حضر الخادم لمخلص للشيخ فورا و قال / تحت أمرك يا مولانا . .
نظر الشيخ الى حمزة و قال / خد مريدنا الجديد الى الطابق السفلى من الارض و سلمه الغرفة المفروشة برماد البطم و اشعل له شمعه بيضاء فيها و سلمه قسم الاحضار و اعطه مبخرة من الطين الأصفر و قليلا من بخور السلاطين ..
احنى حمزة راسه مطيعا لأمر الشيخ و انصرف فورا لتجهيز ما طلب منه ..
نظر الشيخ الى حمزة قائلا .. عدد ايام خلوتك هي سبعة ايام ابتداء من اليوم و سيسلمك حمزة قسم الاحضار .. تحفظه عن ظهر قلب و لا تتلعثم في قراءته و تقرأه 1002 مرة بعد كل صلاة مفروضة و لابدلك من الصيام في اليوم الثالت و الرابع و الخامس من الخلوة .. و في ليلة اليوم السابع سيسلمك حمزة طقش احمر تبخر به خلوتك .... و لن تراني الا في اليوم السابع و تعالمك سيكون فقط مع حمزة .. من وراء حجاب .. بحيث انك لن تراه و هو لن يراك .. و لا تكلمه و لن يكلمك .. فهو سيقوم بجلب كافة الامور الظرورية لك و ستجدها بباب غرفتك ...
و اوصيك لا تخف من اي شيء سيظهر لك اثناء خلوتك و لا تخف من اي مخلوق قد تراه و ربما يحظر عندك عدد من الجن و يعطونك المال و غيره .. و يطلبون منك التخلى عن خلوتك فلا توافق ابدا .. بل اكمل السبعة ايام كاملة الى شروق شمس اليوم السابع ..
و اوصيك لا تخبر حمزة بما سترى .. او تسمع و لا تستشر معه في شيء .. فكل هذا ساناقشه معك بعد اتمامك لخلوتك ..
و الأن انصرف للقاء بحمزة في الطابق السفلي و سيسلمك كافة الحاجيات و لقاؤنا بعد سبعة ايام انشاء الله تعالى ..
انحنى زكرياء و قبل يد الشيخ و انصرف الى سكنه المؤقت الجديد .. و دخل خلوته و اغلق عليه الباب ..
وجد بالغرفة حصيرا مفروش فوق رماء و طاولة خشبية صغيرة قديمة وضعت فوقها شمعة مكتوبة بلون احمر بطلاسم و حروف .. لم يلتفت اليها بل نظر فقط الى الوقة التى سلمه اياها حمزة ووجد بها اسماء و مكررة و دعاء و عدد سطورها خمسه فقط .. اجتهد فورا في حفظها و بدأ في قراءتها بالجهر تارة و في سره تارة اخرى ....
و اثناء ذالك غلبه النوم و راي رؤيا عجيبة ادهشته و طيرت له ما يقي من علقه .........
تابـــــــــــــــــــــــــــــــــــع .......