الموضوع: الحق
عرض مشاركة واحدة
قديم 21-05-2017, 22:08   رقم المشاركة : 7
الباسل
 
الصورة الرمزية الباسل






الباسل غير متواجد حالياً

الباسل has a brilliant future


افتراضي رد: الحق

استكمالا للمقالات السابقة لكشف الستار عن معاني وأسرار (الحق) ..

الجزء الثالث :
* سر قوله تعالى : (وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة 42) .

وأما أسرار هذه الآية فهي فوق البيان ، وحيطة الأكوان ، وطاقة الإنسان ، لأن فيها :
- سر التباس الحق بالباطل .
- وسر كتمان حق مع العلم به .

أسرار ربانية ، فوق مدارك العلوم الإنسانية .

• السر الأول : في قوله تعالى : (وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ) .
اللباس : هو الستر ، وهو الثوب الذي يغطي الجسم ، ويخفي لونه وكيفيته ، وما هو عليه من جمال أو قبح .
ولبس الحق بالباطل : هو أن تظهر للناس صورة الحق والصدق ، وتخفي صورة الباطل والكذب في ضميرك ومقصودك ، وهي كل كلمة حق يريد بها قائلها الباطل .

واليهود كانوا يصورون للناس كلامهم أنه هو الحق في شأن محمد ﷺ ، وأنه هو الصدق ، وأن نعته وصفاته غير تلك الصفات المتصف بها محمد بن عبد الله ﷺ ، ويقولون أن هذا هو وصف التوراة ، وهو لبس وتغطية ، وغش ونفاق ، وليس أدق على الناس في الفهم والإدراك مثل لبس الحق بالباطل ، لأنه أمر متشابه لا يعرفه إلا النقادون والمبصرون .

ولبس الحق بالباطل أمر خطير ، وهو بلية العالم من بدء الدنيا إلى الآن ، وأول من ألبس الحق بالباطل إبليس ، حيث قال لآدم : (هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ) (طه : آية 120) ، وهو لم يزل يقوم بتلك الفتنة المهلكة ، وله في كل أمر من أمور الحق لبس وتزيين ، ففي الوحي له وحي مزخرف هو وجنوده من الجن والإنس ، قال تعالى : (شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا) (الأنعام : آية 112) ، وله علم مزيف ، وله ولاية كاذبة ، وله في كل ناحية من نواحي الحق صورة مزينة ومزخرفة ، تلتبس على الجهال بالحق وهي باطلة .

ففي مقام النبوة كم زين لكثير فادعوها ، وفي مقام الولاية كم فتن أناس بفتنه فافتروها ، وفي مقام الإصلاح كم غرر بأقوام كثيرين فقاموا ينادون بالإصلاح ، وهم مجردون من الصلاح ، وكم من زعماء وقادة تزعموا شعوبا وأمما وغرروا بهم ، وقادوهم إلى طريق الذل والبوار والخسران ، وهم يقولون لهم : إن هذا هو الحق والخير ، وطريق الفوز والانتصار ، وكم من رؤساء قادوا جماعات ، وألبسوا عليهم الحق بالباطل ، وهم يعلمون أنهم خادعون ، وهذه سنة إبليسية يهودية ، نسأل الله أن يحفظ المسلمين من خطوات الشياطين .

• السر الثاني في قوله تعالى : (وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) .
الكتمان : هو إخفاء الأشياء عن الغير ، ضنا بالبر والخير ، أو ضنا بالشر أن لا يصل إلى من يسيئه ، والذين يكتمون الحق عن أهله مَثَلُهُم كمثل من منع الطعام والشراب عن الإنسان حتى مات ، بل أن موت الأجسام أقل خطرا وضررا من موت القلوب والأرواح ، لأن موت الأجسام أمر لابد أن يقع لكل إنسان ، وكل حي يموت ، وكل نفس ذائقة الموت ، ولكن موت القلوب هلاك أبدي ، وخسران سرمدي ، والذين يكتمون الحق هم شياطين الإنس وأبالسة البشر ، ولما كان اليهود قد كتموا الحق ، وهم على علم به ، وكتموا عن الناس صفات النبي ﷺ ، وحرموا كثيرا من أبنائهم وكثيرا من الناس هذا الفضل ، نالوا بهذا العمل الخطير ، والشر الكبير ، غضب العلي الكبير ، فخصهم بلعنته وسخطه وغضبه ، فهم المغضوب عليهم في إشارة أم الكتاب ، ولهم في الآخرة سوء العذاب .

وإلى لقاء آخر إن شاء الله تعالى مع أسرار (الحق) .







آخر تعديل الباسل يوم 21-05-2017 في 22:09.
رد مع اقتباس