عرض مشاركة واحدة
قديم 19-10-2017, 20:08   رقم المشاركة : 10
عبير






عبير غير متواجد حالياً

عبير has a brilliant future


/88 رد: حقيقة الطواف الداخلي للأبعاد و الأجساد السبع 1

اقتباس
 مشاهدة المشاركة المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شيخ الأسرار الباطنية
إن حقيقة الطواف الداخلي للأبعاد و الأجساد السبع الكامنة في كل كيان هي رحلة إلى المجهول دائما ما تبدأ بالتوتر و عدم الثبات و تنتهي بالتسليم و معرفة الذات...
عندها تسكن عواصف العواطف في سكينة الاستواء و التمام...
إن الجذور للشعور بالتوتر هو حيرة الإنسان فيما سيصبح و يكون دونما التسليم و الرضا على ما هو عليه و على ما يكون..
و الكينونة التي وجد بها الإنسان دائما في نظره ليست مقبولة بل بحاجة إلى أن تصبح منقولة إلى كيان أو شيء أخر, و لا يسعى أبدا لتقبل الكيان الذي أهدته إياه الأكوان..
و من هذا المنطلق يصبح التوتر وساما يتسم به و يرسم طريقا شاقا لنفسه متجاهلا أنفاس هذه النفس متجها إلى أنفاس أخرى لا تتنفس..
التوتر و عدم الثبات تدل على الشتات و جهل بمعرفة الذات و الاشتياق في اعتناق كيان أخر و ليس على ما أنت عليه الآن...
في كيان كل نفس بشرية هناك أحدية و التوتر ينفي الفردية و يخلق الثنائية, ثنائية من حيث إنك أية من السحر و البيان و ترغب في أن تكون صخرا من البنيان لأنك تتغيب عن حقيقة ذاتك و آيتك , و ترغب في أن تكون شيئا أخر لا يمت لك بصلة..
رغباتك تتهاوى حسب شهواتك إما أن تكون قويا مشهورا أو غنيا, إما أن تكون حرا قديسا و مخلدا.. حتى رغبتك في الوصول إلى أعلى المقامات يخلق أيضا توترا... لأنك تسعى إلى مساعي بعيدة عنك و عن كيانك الحالي متناسيا حقيقة الراعي الإلهي....
كل أمالك و أحلامك المستقبلية تنسيك الآن و تغريك في أن تكون في غير آن... فهي ليست إلا مدعاة و دعوة للتوتر... و كلما كانت رغباتك بعيدة المنال يزيد المنوال و لا يرضيك أي حال...
لذا تجد الشخص المادي بشكل عادي ليس متوترا جدا كحال المتدين, فالمتدين مسعاه و مبتغاه إلى أشياء مستحيلة نبيلة و بعيدة و هذه الفجوة التي بينه و بين ما يرغب لا يسدها و يسودها إلا توترا عظيما ..
التوتر يعني الفجوة التي تخلقها الرغبات و عدم الرضا بما أنت عليه الآن و رغبتك في أن تكون شيئا أخر.. هذه الفجوة الفاصلة بين رغباتك هي مدعاة للتوتر..
و كلما كانت الفجوة عميقة و كبيرة كلما كان التوتر أعمق و أكبر, كلما كانت الفجوة صغيرة كلما كان التوتر أصغر و قلت الحيرة..
و إذا لم تكن هناك فجوة على الإطلاق أي إنك راضيا على ما أنت عليه الآن و في كل آن, و لست في أشواق إلا إلى اعتناق كل لحظة بيقظة فلن يكون هناك أي توتر... فقد أتحت لنفسك واحة من الراحة لتتصل بحقيقتك عبر صلاتك بصلة قلبك و هذا حق الدين عن يقين بالرضا و التسليم في كل حين..
الفجوة يمكن أن تأخذ العديد من الشكليات و الطبقات..
إذا كانت رغباتك في الحدود الجسدية عندها ستتجسد بالجسد, برغبتك في أن يكون لك جسدا ذا شكلا و رسما في غير حقيقته فإن هذه الرغبة المنطوية نحو الجسد تخلق توترا على مستوى يتجسد بالجسد, كرغبتك بأن تكون أكثر جمالا, في هذا الحال يصبح جسدا غير متقبل لحقيقته بشكل لا واعي و يصبح كالقبضة بحاجة إلى انفجار, فالتوتر سيصاحب جسدك الأول..المادي..
لكن إذا كانت قبضته قوية متزمتة و متزامنة على مر الزمن فهي قد تصبح أعمق و أقوى و تنشر أوتارها إلى طبقات أخرى من أنفس الكيان الساكنة في الإنسان...
و إذا كان اشتياقك إلى قوى روحية, فالتوتر سينتشر على المستوى الروحي...
فالانتشار الذي يصدر من انبعاث الرغبات كرمي الحصاة مهما كانت صغيرة في أي بحيرة, تسقط في نقطة معينة يصدر عنها اهتزازات تستمر بالانتشار إلى ما لا نهاية..
لذا فإن التوتر قد يتكون في أي من أجسادك و أبعادك السبع, ما يتصدرها دائما ذات المصدر و هي الفجوة الكامنة بين حالة و أخرى أي بين حال حقيقة سكون الكيان و الرغبة و الاشتياق في أن تكون على غير حال و بيان..
و على المستوى الفكر و العقل إذا كان طموحك في تغيير حال عقلك بأن تجعله أذكى و أبهى فإن هذا الشيء سيخلق توترا عقلي...
فقط في حالة القبول و الرضا و التسليم يكسبنا مكسبا لا غنى عنه من الاستسلام لا يخلق أي أحلام و لن يكون هناك انبعاث من التوتر يجذب الآلام..
إن المعجزة الوحيدة التي قد تحدث في حياة أي نفس بشرية هي الرضا المطلق و الانسجام في وئام مع أنفاس النفس..
الوجود راضي و مسلم لما هو عليه.. فالتوتر ذو نزعة افتراضية و ليست وجودية...
ففي عيش اللحظة ليس هناك أي توتر, موجة التوتر دائما موجهة نحو المستقبل... تخلق من نبع الخيال, يمكنك أن تتخيل و تخيل لنفسك بأنك شخصا و شيئا أخر ليس ما هو أنت و على حقيقتك,
هذه الإمكانية للخيال تخلق فجا و فجوة للتوتر..
و كلما كان خيال الإنسان أكثر بدعة و براعة كلما زاد التوتر و قلت القناعة...
فالتوتر سلاح تدميري ضد صاحبه يدمره ليجرده عن حقيقة ذاته..
و كما أن الخيال يمكن أن يكون نعمة و إبداع دون ابتداع أي إذا كانت قدراتك كاملة و كامنة مبحرة في خيال يعيش كل حال في آن و لحظة من اليقظة لا تمد صلتها بمستقبل و إنما بحقيقة الآن في هذا الأوان, ستتلمس حقيقة وجودك دون أوهام و الآلام, خيالك لا يحلق و يخلق أي أشواق و أشواك بل صفا إلى عيش اللحظة التي تبعدك عن المماة و تحييك بروح الحياة...
فالحياة تتحدث معك في كل لحظة و أنت هائما غائبا عنها.. حضور كل لحظة بصدق و يقين يبعد عنك سور التوتر و ستنهمر عليك ومضات من نور كان متستر تحت وطأة التوتر..
الوجود أجمع بما فيه من أشجار و أنهار لا يشمل حياتها أي نزعة توتر ليست لديهم المقدرة على التخيل... فالوجود مستو على مستوى منحدر ما قبل التوتر و ليس بعده..
التوتر قوة كامنة في الوجود و على سياق التطور فهناك لحظة بانتظار أن تحدث انفجار ثائرا في كيان الطبيعة و ستبدأ بالاشتياق إلى المستقبل و هذه حقيقة حتمية مستقبلا خيال الوجود سيصبح شيئا فعليا و نشيطا..
بداية الأمر سترى أن الخيال قد أصبح خيل و خيّال يهرول مسرعا نحو المستقبل يخلق العديد من التوقعات و بسبب عدم إتيانها بصورة حقائق واقعية تستمر بالتحليق و تخلق تصورات أكثر و أبدع... و بقدر تعلق الأمر بهذه اللحظة و عيش كل لحظة فأنت لا يمكنك أن تقع ضحية لشباك الخيال لأنك أصبحت أنت الخيّال و المسير على كل حال..
بمقدرتنا حضور كل لحظة بيقظة دون فتور و ضياع في بحر أوهام الخيال..
أنت لست بحاجة لإتاحة أي مساحة لهكذا ضياع و التلبس بأي قناع..
إذا أمكنك أن تعيش اللحظة بحضور, أن تكون حاضرا لها بيقظة... فلن يجد الخيال أي مجال.. ثم سيتبدل الخيال و لن يخلق أي حال بل سيحلق في حضور من نور...
ستبدأ تحلق في أعالي قمم الإبداع, قد تتخطى كل المشاعر و تصبح شاعر ينهمر فيضا من الأشعار تلامس و تلاقي كل حال دون أشواق مستقبلية بل قبلة حالية في حقيقة الآن..
أو قد تجد نفسك رساما يحمل وساما يجول في عالم من اليقظة و الحضور, لأنه اللحظة لن تكون كما تخيلت بل كما عرفت و عشت نبضها...
عندما لا تبحر في أي خيال فإن اللحظة ستهديك هدايتها و إشارتها...
يمكنك التعبير بعبارات لكنها ليست مثابة للإشارات.. عندها ستدخل في صمت الوجود حيث ليست هناك عبارة لتعبر بها عن سر الوجود..
الصمت الوجودي الذي تخطى خطاه كل معابر العبارة تعمق بعمق في كل لحظة و إشارة.. هام في بحر الصمت يحدثه الوجود عن سره و كنهه غاب الكلام و استوى المقام.. اختفى الشاعر و مشاعره و شعره و فنى الرسام و وساماته و رسمه و دخل في صمت لا يصفه أي لسان فهو معبر عن نفسه بنفسه بصمت العرفان..
و هذا الصمت ليس بالأمر السلبي بل ازدهار إيجابي..
هناك ازدهار و أزهار تفتحت في كيانك... تفتح لزهرة الصمت التي لاقت شذاها في حقيقة ثناياها اتحادها و اندماجها مع الصمد..
و خلال هذا الصمت كل شيء معبر و معتبر..

تابع الموضوع بالردود

كلام البيان في احلى تبيان يسرده أجمل فنان في علم شيخ الاسرار والباطن%






رد مع اقتباس