عرض مشاركة واحدة
قديم 19-03-2012, 10:02   رقم المشاركة : 1
شيخ الأسرار الباطنية
 
الصورة الرمزية شيخ الأسرار الباطنية






شيخ الأسرار الباطنية غير متواجد حالياً

شيخ الأسرار الباطنية تم تعطيل التقييم


افتراضي حكمة تفاو ت الناس في العقل ..

حكمة تفاو ت الناس في العقل ..


اختلف الناس فيه و الحق أن التفاوت يتطرق إلى القسم الأول و الثالث و الرابع ..

أما الثاني فهو العلم بوجوب الضروريات و جواز الجائزات و استحالة المستحيلات و هو غير قابل للتفاوت ..

القســـــم الأول ..

و هو الغريزة .. فالتفاوت فيه لا سبيل إلى جحده .. فإنه مثل نور يشرق على النفس و مبادئ اشراقه عند سن التمييز
ثم لا يزال ينمو إلى تمام الأربعين ..

و قد شاهدنا في ذلك مختلفين في فهم العلوم و انقسامهم إلى ذكي و بليد و مغفل و يقظ .

و قد روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في حديث طويل آخره : " قال الله تعالى : إني خلقت العقل من أصناف شتى كعدد الرمل .. فمن الناس من أعطي حبة و منهم
من أعطي حبتين و منهم الثلاث و الأربع و مهم من أعطي فرقا و منهم من أعطي وسقاو منهم من أعطي أكثر من ذلك ".

و من الحكايات الكثيرة عن تفاوت العقل أذكر هنا ما حكي عن بعض الأطباء انه دخل على مريض فجس نبضه و شاهد تفسرته فقال له :

لعلك تناولت شيئا من الفواكه ؟

قال المريض : نعم .

فقال الطبيب : لا ترجع إلى أكلها فإنها تضرك .

ثم دخل عليه اليوم الثاني و رأى النبض و التفسرة فقال : لعلك أكلت لحم الفروج ؟

قال المريض : نعم .

فقال الطبيب : لا ترجع إلى أكله فإنه يضرك .

فتعجب الناس من حذق الطبيب .. و كان للطبيب ابن فقال له : ياأبت

كيف عرفت تناوله للفاكهة و الفروج ؟
قال : يا بني ما عرفت ذلك بالطب وحده بل بالطب و الفراسة .

فقال له كيف عرفت بالفراسة ؟؟

فقال : إني لما دخلت دار المريض رأيت على سطح الدار سقاطات الفواكه ثم رأيت في وجهه انتفاخا و في النبض لينا و في التفسرة غلظا و فجاجة ,

و علمت أن الفاكهة إذا أحضرت عند المريض فإنه لا يصبر عنها فظهر لي ما ظهر من الشواهد أنه تناول الفاكهة

و ما جزمت بها بل قلت : لعلك أكلت ..

و في اليوم الثاني رأيت على باب الدار ريش الفروج و لا حظت في نبضه امتلاءا و في الرسوب غلظة , فعرفت أن الفروج لا يأكله إلا المريض غالبا .. فظهر بهذه الشواهد

و ما جزمت به بل قلت له : لعلك فعلت هذا .

فسمع ابنه هذا الكلام فأحب أن يسلك مسلك أبيه ..

فدخل على مريض و جس نبضه و شاهد تفسرته

فقال له : لعلك أكلت لحم حمار

فقال المريض : حاشا و كلا كيف يؤكل لحم الحمار أيها الطبيب ؟؟؟

فخجل ابن الطبيب و خرج , و انتهى ذلك إلى أبيه فسأله : كيف عرفت أنه أكل لحم الحمار ؟

فقال : لأني رأيت في دارهم برذعة فعلمت أنها لا تكون إلا للحمار ثم قلت في نفسي .. لو كان الحمار حيا لكانت برذعته عليه و إذا لم يكن حيا فإنهم ذبحوه و أكلوه .

فقال أبوه : لو كان شيء من هذه المقدمات صحيحا لرجوت فيك النجابة و الذكاء , و لكن المقدمات كلها فاسدة و طمع النجابة فيك محال .. و نعم من قال :

فلا ينفع مسموع إذا لم يكن مطبوع

و حكي أن أبا حنيفة رضي الله عنه كان جالسا يذكر الدروس , فدخل عليه شخص ذو هيئة فلما بدا قال أبو حنيفة لأصحابه : تثبتوا كيلا يأخذ عليكم هذا الرجل شيئا ..

فلما جلس و أبو حنيفة يذكر أوقات الصلاة , قال أبو حنيفة : أما الصبح فوقته من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس .. فإذا طلعت الشمس زال وقته ..

فقال ذلك الرجل : فإن طلعت الشمس قبل الفجر كيف يكون حكمها ؟؟

فالتفت أبو حنيفة إلى أصحابه و قال : كونوا كما شئتم فإن الأمر عل خلاف ما حسبنا ..

و المقصود هنا أنه لما دخل عليهم الرجل حسبه أبو حنيفة من العقلاء و اغتر في هيئته و منظره المهيب و لذلك نبه أصحابه بقوله : تثيتوا كيلا يأخذ عليكم هذا الرجل شيئا ..

و لكن عندما سأله الرجل السؤال الذي ينم عن قلة عقله و قلة نجابته , علم منه ماعلم فالتفت لأصحابه و قال لهم ماقال .

و حكي أن معاوية بن مروان ضاع له باز فقال : أغلقوا باب المدينة كيلا يخرج ..

أما القســـم الثالث ..

و هو علم التجارب و الرسوم و العادات ..

فتفاوت الناس فيه ظاهر و يدل عليه ما حكي عن أبا النجم عندما دخل على هشام بن عبد الملك و أنشد أرجوزته التي أولها :

الحمــد لله الواهب المجزل

و هي من أجود شعره و كان هشام مصغي له إلى أن أنتهى إلى قوله :

و الشمس في الجو كعين الأحول

فغضب هشام و كان أحول و أمر بصفعه و إخراجه .

و حكي أن بعض الملوك قال لصاحب خيله : قدم الفرس الأبيض ..

فقال له الوزير : لا تقل الفرس الأبيض فإنه عيب يخل بهيبة الملوك و لكن قل الأشهب ..

فلما أحضر السماط قال الملك لصاحب سماطه .. قدم الصحن الأشهب .

فقال له الوزير : قل ما شئت فما في تقويمك حيلة .

و حكي أن عتاب بن ورقاء دخل على عمرو بن هداب و كان قد كف بصره فقال له :

يا سيدي لا يسؤك فقدهما " يقصد هنا عينيه لأنه رآه أعمى " فإنك لو رأيت ثوابهما .. لتمنيت أن الله تعالى يقطع يديك و رجليك و يدق عنقك .

القســـــم الرابع ..

وهو إنتهاء القوة الغريزية إلى حد يعرف به عواقب الأمور و يقمع الشهوة الداعية إلى اللذة العاجلة لأجل سلامة العاقبة .

و لا يخفى اختلاف الناس فيه فإن إقدام الشبان على المعاصي أكثر من إقدام المشايخ و كذلك إقدامالعلماء أقل من إقدام العوام و ذلك لقوة علمهم بضرر المعاصي ..

كما ترى ان الأطباء أقدر على الإحتمال من غيرهم ..

و أحب أن أذكره هنا حكاية جميلة جدا مثلا على ما ذكرت ..

و هي أنه كان هناك بعض الملوك كان يتخذ كل سنة وزيرا فإذا تمت السنة عزله و بعثه إلى جزيرة .. و استوزر غيره

إلى ان اتخذ وزيرا عاقلا , فلما تولى الوزير منصبه الجديد بعث إلى تلك الجزيرة و بنى بها دارا لنفسه و نقل إليها ما كان من الأموال و كل مايلزمه ليعيش هناك ..

فلما تمت السنة لم يعزله الملك بل أقره على حاله ..

فسئل الملك عن ذلك فقال : اعلموا أني كنت محتاجا إلى وير عاقل ينظر في عواقب الامور ..

فما وجدت إلا من يراعي الحال و لا ينظر في العواقب فكرهت أن أعجل عزلهم فصبرت على سوء تدبيرهم سنة , فلما عزلتهم كرهت اختلاطهم بالناس و هم مطلعين على اسرار ملكي فبعثتهم كما تعلمون إلى الجزيرة..

و أما هذا الرجل فوجدته مراعيا للعواقب في جميع أموره , فلست أستبدل به أحدا ما دام هذا تدبيره ..

و الله الموفق للصواب بمنه و كرمه







التوقيع :
الباطن اتجاه فكري كل هدفه الوصول بك الى معرفة الحقيقة المحيطة بك و السمو بفكرك و روحانيتك ..


الفقراء هم اولئك الذين يعملون للعيش بترف و يريدون الحصول على الكثير من الاشياء دون ان يستمتعوا بحياتهم
رد مع اقتباس