عرض مشاركة واحدة
قديم 28-01-2012, 17:22   رقم المشاركة : 2
شيخ الأسرار الباطنية
 
الصورة الرمزية شيخ الأسرار الباطنية






شيخ الأسرار الباطنية غير متواجد حالياً

شيخ الأسرار الباطنية تم تعطيل التقييم


افتراضي رد: قصص الأنبياء من وجھة العلوم الباطنيَة

أما المفكر المؤمن ، فإنھ بمجرد ما یخطر آدم على بالھ نجده یتأمل قدرة الخالق المبدع ودقة
صنعھ وإعجازه ، ثم ینقلب عند التفكیر في إبلیس الذي أوقع بآدم وزوجھ وغرھما وأخرجھم ا
من سعادتھما الأولى وھي رمز سعادة الآخرة . یطرح المؤمن مسألة الخلود التي استعملھ ا
إبلیس أداة للغوایة . فالخلود إذن أخذ المكان الأولى في فكر الإنسان .
یتحدث كتاب
((قصص الأنبیاء)) عن مشكل ھذا الخلود ، فیقرر أن البحث عن الخلود شكل
المبادئ العقائدیة كلھا وكان سببا للضلالة البشریة. فبحث الأولون لم یكن بحثا عن تاریخ
الكون إلا لدعم الوسائل المرتبة بطریقة الوھم كعامل مؤھل للخلود ، فانطوى الفھم القدیم
لذلك على شعائر رمزیة للوجود ، ولخلق روابط بین الإنسان والقوى الكونیة .
إن ھذا ھو الذي من أجل إدراكھ تحتم البحث في بدایة الإنسان . ولذلك لم ینكر وجود آدم
علیھ السلام عند الأولین وإنما أقر وجوده مع إرجاعھ إلى أصل أو جزء إلھي . وقد سعت
البحوث الوثنیة الأولى إلى البحث عن أصل الإنسان بالاتصال بالروح ، اعتقادا أن الإنسان
خلق أول ما خلق من روح ثم أودع في التراب ، ولیس كما ھو في الحقیقة من تراب وضعت
فیھ الروح أو نفخت فیھ بعد تسویتھ .
لقد أعطى العلم الدیني الحل الكامل كما قلنا لھذه المعضلة وبین حقیقة خلق آدم وبدایتھ .
ثم إن آدم خلقھ الله في البدایة في أحسن تقویم ثم رده إلى أسفل سافلین بما ركب فیھ من
غرائز ورغائب وأھواء ونزعات سلمتھ أسیرا للشیطان یتحكم فیھ ، ویسیره كیف یشاء ،
ویصنع شقاءه بعد أن كان یأكلھ الحسد وتقتلھ الغیرة للمكانة التي حظي بھا لدى الخالق
سبحانھ وھو المخلوق الطیني المتواضع. والحدیث عن الخلق .وكان من شأن ذلك أن یحمل
على البحث عن أصلھ الأول بعد أن انفصمت العلاقة بین حالتي
((التقویم الحسن)) و((الأسفل
سافلین
)) ، وینحو بحثھ على فھم من جنس الفھم الوثني القدیم وإن اختلفت طرق التعبیر عن
ذلك والمصطلحات المستعملة لإظھاره .
فداروین مثلا ، عندما تفتق ذھنھ ، وأوصلھ بحثھ إلى ما كان یسمیھ البعض معجزة في
الفھم ، بإرجاع أصل الإنسان على قرد أعلى ، فقرد أوسط ، فقرد أسفل ، ثم على ابسط
حیوان بعد ذلك ، إنما سار على درب الإنسان القدیم في أنماط تفكیره التي ربط فیھا – على
مراحل – بین أصل الإنسان والنبات تارة ، وبینھ وبین الحیوان تارة أخرى ، ثم بینھ وبین
الطبیعة على غیر ذلك من الحالات ، وقد وقع تبیان ذلك بتفصیل في كتاب
((ظلمات
بظلمات
)) (لنفس الكاتبین) معززا بالصور والرسوم والبیانات (كما سبق القول) .
عودة إلى العلم الدیني ، تؤكد أن آدم علیھ السلام خلق من طین وذریتھ من ماء مھین ، فقام
الفرق في مراحل التكوین ، من حیث الانتماء إلى مادة الخلق مباشرة وھي حقیقة خلقة آدم ،
والانتماء غیر المباشر، وھي حقیقة خلق ذریتھ . وقام فرق آخر في التكوین الخلقي السلوكي،
إذا خلق الله آدم على فطرة مطلقة وطھارة لیس فیھا شيء مشین وھو لم یعرضھ بعد على
الملائكة وعلى الشیطان ، بینما ذریتھ خلقت في ظروف مغایرة تماما ، فقد خرجت إلى
الوجود الأرضي فورثت رواسب الخطأ الإنساني الأول وأثار الغوایة الشیطانیة الأولى
اللذین بفعلھما نزل آدم وحواء من الجنة ، ولذلك – كما سبق أن اشرنا في عرضنا لكتاب
الشیطان – فقد أقلع آدم عن خطئھ فلم یزد علیھ سوى أن تلقى كلمات من ربھ فتاب علیھ
وانشغل بعد ذل بتزكیة نفسھ ، رجاء التوبة بینما ذریتھ . أوغلت في الخطأ فزادت على الأكل
من الشجرة المحظورة بأن التھمت ثمارھا كاملة ، ثم اجتثتھا وحولت جذوعھا وعیدانھا إلى
بخور طلبت بھا الخلود ، وإلى أسلة تسعى بھا إلى الدمار، فآلت على الشرك والتسلط
والغطرسة . لا مجال إذن للمقارنة بین آدم علیھ السلام وذریتھ ، فبالأحرى أن یقال إنھ لم
یكن ، أو إنھ كان قردا من القردة . وما أقبح ھذا القول وما أعظم الخطیئة في الذھاب ھذ ا
المذھب .
إن الله سبحانھ وتعالى عندما أرسل أنبیاءه على الأمم والقبائل ، إنما كان یومي من وراء
ذلك من بین ما كان یومي إلیھ – والله أعلم – إلى تمكین الإنسان بوسائل معرفیة لمعرفة
نفسھ، وإدراك ذاتھ قبل كل شيء ، غذ في ذلك إدراك لحقیقة الوجود ، وجود الله سبحانھ
وتعالى على ما ھو فیھ(بما یقولھ سبحانھ عن نفسھ ثناء وتعریفا)ووجود الإنسان حسب م ا
یجب أن یكون علیھ عبودیتھ لله وعمارة للأرض وخلافة فیھا .
وھؤلاء الأنبیاء والرسل ، لم یدخروا وسعا – بما منحھم الله من نعم الفطنة والصبر
والحكمة – في تجسید حقیقة الوجود الإنساني السامي ، فكانوا مثالا لسمو الذات البشریة ،
وكانت سیرتھم نموذجا لما یجب أن یكون كل عبد من عباد الله لأنھم یمثلون الصفوة المختارة
من عباده على الأرض .
من ھنا برزت أھمیة تتبع سیر ھؤلاء الأنبیاء ووقائع حیاتھم واحدا وأحدا ومرحلة مرحلة .
وقد أفرد كاتبا
((قصص الأنبیاء)) فصلا لكل نبي على حدة ، یحكي ما عاشھ النبي من أحداث ،
واعترضھ من أھوال ومشاق ، وآل إلیھ قومھ من مصیر، مع التركیز على المفاھیم الباطنیة
المنحرفة التي عاصرت كل دعوة وحاربتھا ، وإبراز الطرق والأسالیب الإلحادیة التي
استخدمت للتغریر بالإنسان والحیلولة دون استجابتھ لمن كان یظھر ویبعث بین جماعتھ من
أنبیاء ورسل .
وقد تناولت ھذه الكتب كلا من : آدم ، وإدریس ، ونوح ، وھود ، وصالح ، وإبراھیم ،
ولوط ، وإسماعیل ، وإسحاق ، ویعقوب ، ویوسف ، وشعیب ، وھارون ، وذي الكفل ،
وداود ، وسلیمان ، وإلیاس ، والیسع ، ویونس ، وزكریاء ، ویحي ، وعیسى ، ومحمد علیھم
أفضل الصلوات والسلام .







التوقيع :
الباطن اتجاه فكري كل هدفه الوصول بك الى معرفة الحقيقة المحيطة بك و السمو بفكرك و روحانيتك ..


الفقراء هم اولئك الذين يعملون للعيش بترف و يريدون الحصول على الكثير من الاشياء دون ان يستمتعوا بحياتهم
رد مع اقتباس